Posted by : yazan alaws السبت، 14 أكتوبر 2017


عن الكتاب 

تسعى هذه الدراسة إلى تفكيك النظرية المعرفية التي تأسس عليها خطاب التأويل عند المعتزلة واستكشاف حدودها من خلال التوصيف المنهجي الذي نهض عليه. بفصل العقل عن النص، الأمر الذي يعني أن العقل متفوق على النص تفوقا عقائديا ومعرفيا، فالأصل العقائدي والمعرفي والمنحصر في عدل الله وتنزيهه عن الصفات، شكل مرتكزا رئيسا عن بنية القصد باعتبارها المطلق الدلالي. وان الكلام يتيح القصد فهدف التأويل هو إدراك القصد الأمر الذي يعني أن استراتيجية التأويل غايتها استرداد الكلام وأدراك غاية المتكلم ونواياه.

تعرية نظرية التأويل الدلالي عند المعتزلة تتم من خلال الكشف عن المرتكزات والمنطلقات والإجراءات التنفيذية التي يتم بها استخراج دلالات الكلام، وقد اعتمدت على ثوابت منهجية وظيفتها حراسة التأويل من الوقوع في الإشكال، وفق شروط القبول التي وضعوها محددين حدود الاتصال والانفصال بين الوحي والوعي، فالعقل مصدر المعرفة ومتقدم على المعقول ولكنه مع ذلك قاصر، فالمعرفة لا تكتمل، وتتحصل بالاكتساب وإدامة النظر وان تراكم التأويلات هو ما يمنح الحقيقة النصية معناها.

التأويل الدلالي يتجاوز حدود الألفاظ والمعاني الجزئية ليتشكل من خلال مساحة الرؤية الدلالية الكلية، والنص نظام دلالي ينطوي على قدر حيادي وخلافي في الوقت نفسه، فالعقل يسعى إلى تحقيق تواصل مع عقل النص وعناصره، بسلسلة من العمليات تخرج النص من التنافر واللبس، وبإزاحة العناصر المضللة، والتأويل لا يتعلق بالغموض فحسب فهناك عدة مستويات دلالية في النص، ذاكرته، نسيجه اللفظي والتركيبي.. التأويل سعي للعقل في استعادة ما عقله، وقد راوح التأويل الدلالي المعتزلي بين ثلاثة أركان تشكل خطابه : العقل واللغة والمواضعة. والمواضعة هي النظام الذي يستطيع الحكم على التأويل ومصداقيته. بمعنى، أن الأنظمة الرمزية التي أوجدتها الجماعة هي التي يجب على التأويل أن يستند عليها، لأن المواضعة بوصفها أهم مفاتيح التأويل (تحالفات لسانية حول رموز وإشارات تمثل مقاصد الجماعة وسننها في المعنى، بيد أن هذه النتيجة تطرح موقف التأويل من الموروث اللساني، إذ تستوجب الكفاءة التأويلية حصيلة لسانية كبيرة).

ينطوي كل نص على عناصر ضمنية يتم إخراجها بالاستناد إلى السياق، البنية الدلالية تمثل شبكة المعنى وانه لكي تنجز هذه البنية وجب النظر في المركز الدلالي الذي تشي به البنية.

إن معرفة القصد وتحديد مراده هو جوهر التأويل أما التأويل فهو إدراك الملابسات والعلاقات المحيطة بالقصد، التأويل ليس بحثا عن دلائل بل عن مسارات تدليلة، عن (تغيرات المعنى) عن خاصية (الإخفاء والتحول) فالدلالة تتمتع بحركة دائمة، الدلالة وظيفتها إظهار المدلول عليه ولا يجوز فيها مجاز كما يقول المعتزلي الشريف الرضي.

نظام الاستدلال عند المعتزلة لكشف بنية الاختلاف والائتلاف له أدوات استدلال لتعيين الدلالة، الاستدلال يرتبط بالقياس، وهو قسمان: استدلال بالكلي عن الجزئي والثاني استقراء أو استدلال بالجزئي على الكلي للبحث في ما يستدعيه النص من احتمالات والاستدلال يفترق عن التعليل. مع وجوب اعتماد المكونات الضمنية ومستوياتها.

آليات التأويل الدلالي خمس شعب أولها التأويل باعتبار دلالة النص باعتبار النص (خطابا يمكن أن يعرف المراد به) والدلالة هي التي تجعل النص قابلاً للقراءة على مر العصور وثانيها باعتبار دلالة الخطاب بالاستعانة بسياقه وبتحليل مستوياته اللسانية في مستويي الجملة والخطاب واستحضار النظير المضمر ومعرفة الأثر الناجم عن الخطاب وقانون المواضعة الذي يسبق الخطاب نفسه والتأويل باعتبار الدلالات العقلية وهي تؤدي الدور الأبرز في الممارسة التأويلية الاعتزالية إذ يجب على التأويل الانسجام مع مقررات العقل بوصفه نظاما من المبادئ والمسلمات التي ينبغي على العلامات اللغوية أن تؤوب إليها والتأويل باعتبار الدلالات اللغوية والتأويل باعتبار الدلالات النحوية باعتبار النحو باحثا في صور الكلام وانظمته وركنا من أركان علوم اللسان العربي والتأويل باعتبار الدلالات المجازية وهذا النوع من التأويل اتخذه المعتزلة لاستبعاد القيم اللسانية والعقائدية التي تخالف الأصول الخمسة التي اتكأوا عليها في تشكيل منظمومتهم المعرفية وسلاحا لتأويل النصوص التي تخالف معتقداتهم الفكرية.

التحميل 

- Copyright © Scrabbles - Blogger Templates - Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -