Posted by : yazan alaws
الاثنين، 16 أكتوبر 2017
عند الكتاب
يعد هذا الكتاب ثورة على جميع المناهج والمدارس السابقة التي خضعت بشكل أو بآخر للأيديولوجيات القومية وللمصالح الدولية والإقليمية . ففيه يتناول المؤلف تاريخ الشعب الكردي منذ أقدم الأزمان ويعرض على العلماء- المستشرقين والقراء بغض النظر عن الأهداف السياسية والمشاعر – النظر إلى كوردستان كوحدة إتنوغرافية لاتتجزأ وهذا المبدأ هو الأول من نوعه الذي ينظر إلى كوردستان المجزأة كمنطقة جغرافية متكاملة في أعمال المستشرقين الروس المعروفين- المختصين بالمسألة الكوردية ، مثبتا بالأدلة القاطعة بأن الكورد هم السكان الأصلاء لغرب آسيا والهضبة الإيرانية من خلال الوصول إلى الأسم الإشتقاقي لكوتي ، حيث يقطن الكورد منذ القدم تلك الأراضي على ضفاف نهري دجلة والفرات في جبال زاغروس وطوروس حيث ظهرت مراكز الحضارة الإنسانية الأولى في التاريخ ، وإنطلاقا من وجهة النظر التاريخية هذه إلى يومنا الحاضر فإن الكورد بالذات كانوا أصل الدول القديمة مثل سومر وأكد.
وقد إعتمد المؤلف على العديد من المصادر والوثائق التي تنشر في أغلبها لأول مرة، بالإضافة إلى أن الكاتب مؤرخ فهو مختص لغوي وعليه فقد إعتمد على المقارنات اللغوية في تحليله للوقائع والأمور.
لقد أثبت المؤلف في كتابه هذا عدم مصداقية أغلبية الكتابات السابقة عن الكرد وتاريخه ولاسيما من قبل الحكومات المقسمة تاريخيا لكردستان التي حاولت طمس الحقائق التاريخية المتعلقة بالمنطقة وقلب الحقائق بهدف تغيير التاريخ لصالح شعوبها وبالتالي تزييف الحقائق والخروج بشئ جديد يخدم مصالحهم القومية والإقتصادية. وهنا لابد من الإشارة إلى أمر خطير حدث بالنسبة لكوردستان الكبرى (الموحدة) ، إذ يرى المؤلف أن التركيب القومي الأساسي لكردستان ومنذ الأزمنة الغابرة كان ولايزال دوما من الكورد. أما الهندو- الأوربيين وكل الشعوب الأخرى من آشور، وعرب والأتراك يعتبرون أقليات قومية. وبرأي المؤلف يطرح سؤال قانوني نفسه حول مشروعية وجود الدول الثلاثة حديثة العهد هذه التي تشكلت على الأراضي الكوردية في أعقاب المؤتمر الدولي برئاسة دول الإئتلاف في لوزان عام 1923، إدراكا من المؤلف بأن أعداء كوردستان يدركون جيداً وجود هذه المسألة ولذلك يحاولون بشتى الوسائل تشويه تاريخ شعب كوردستان وثقافته و تعداد سكانه، فالإحصائيات الجارية في كل من سوريا وتركيا والعراق لم تعط أبداً أرقاماً دقيقة بعدد سكان الكورد بل غالباً ما أستبدلت قومية الكوردي بخانة ((مسلم)) عند إجراء الإحصاءٍ السكاني. ومن جراء هذا الإحتيال، فإن الأرقام حول تعداد الكورد في سوريا وتركيا والعراق تتأرجح وصولاً إلى الحد الخيالي من مليونين إلى أربعين مليوناً التي تناقض بوضوح بعضها البعض . وقد نجح مؤلف هذا الكتاب من وضع النقاط على الحروف والرد على الكتاب الشوفينيين من الفرس والترك والعرب ومن لف لفهم لمصالح ومآرب ذاتية ضيقة .
ومن خلال دراسة التاريخ الإتني للكوتيين – الهندو آريين في زاكروس وطوروس ، نجح المؤلف من إثبات تطابق تسمية الفيداد آريين كورو مع تسمية الكورد وذلك من خلال عملية المقارنات اللغوبة وعلى أن الشعب الكردي يشكل السكان الأصلاء لميزوبوتاميا و زاكروسويعتبر رواد المدنية فيها ، فقد دجن الغنم كحيوان جبلي لأول مرة من قبل إنسان العصر القديم (الألف الثامن ق.م) في جبال زاغروس أي في كوردستان، وبالذات لدى الكورد- كورمانج ، ومن جانب آخر تشير المصادر القديمة والمعاجم اللغوية للغات الهندو ـ جرمانية إلى أن طرق الهجرات للقبائل الهندو ــ جرمانية ، بدأن قديماً من سلاسل جبال زاغروس وطوروس في آسيا الصغرى والهضبة الإيرانية.فمع بداية الألف الخامس ماقبل الميلاد بدأ الكوتيون- كورد زاغروس بإستصلاح الأراضي الخصبة في ميزوبوتوميا السفلى وإنتقال السكان من التوسع والإنتشار إلى النمط الزراعي المركز، إذ عرف الناس القدامى القمح البري وبدأوا بزراعته في الألف الثامن قبل الميلاد في أودية زاغروس ( كردستان ) بآسيا الصغرى، حيث تنمو حتى الآن القمح البري، وقدإمتدت أملاك قبيلة بارزان التي كانت تدار من قبل شيوخها بالوراثة، كما كشفت آثار هذه المناطق بأن الخزفيات(صناعة الفخار) ظهرت لإول مرة في الألف السابع قبل الميلاد على سفوح إيران الغربية أي في كوردستان. وكان العالم الأمريكي المشهور البروفيسور أفرايم شبيذر من جامعة بنسلفانيا والمتخصص بسـومر ، كان أول من أشار إلى” أن الكوتييين ـ السكان الأصلاء لجبال زاكروس هم الأسلاف القدامى للكورد الحاليين
لقد بينت السنوات الطويلة من المتابعة والبحث العلمي لعلماء متخصصون في علم الإنتقاء (الاصطفاء) وعلى رأسهم العالم الروسي المتخصص في علم النبات ن.ف. فافيلوف، بأن جبال زاكروس وطوروس في كوردستان هي بالذات المناطق الجغرافية التي إمتلكت قاطنوها القدامى في الألف الثامن قبل الميلاد ، القمح البري ، مما وضعوا فيما بعد أسسا لإزدهار الحضارة الزراعية الأولى في أودية ميزوبوتاميا. ورد ذكر السكان القدامى لزاكروس وطوروس بإسم((الكوتييين ـ أومان ماندا)) و((لولوبوم)) في المصادر المسمارية بلغات عدة ولقرون طويلة، بدءاً من نقوش وكتابات الملك الأكادي نارام سين(2300ق.م) ثم في قوانين ملوك الحيثييين (1600ق.م) وينتهي نسبياً في مراسيم الملك الفارسي قير العظيم (القرن السادس قبل الميلاد).
وحول إستمرار هذا التقليد والصفات القومية الهندو-جرمانية القديمة للكوتييين أومان ماندا، تشهد وجود قبائل كوتي التي تقطن السفوح الجنوبية لجبال طوروس وكذلك كاستا بيروف-كهنة كاتاني المقدسة عند الكورد اليزيديين، وكذلك الكورد-كرمانجي.
إن الإسم القديم لسكان جبال زاغروس وطوروس ـ قبائل أومان ماندا ـ المسجل في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد في النصوص السومرية ـ الأكادية، مشتق من الكلمة الكوردية hemy ((الجميع)) ومان (دا)، من سلالة مانو ـ الذي هو حسب ميثولوجيا الشعوب الهندوـ جرمانية (الهندوس ، الألمان، الإيرانيون) أسلاف (جد) البشرية. إن المعنى الإشتقاقي لكلمة أومان ماندا يتطابق بدقة مع إسم أكبر القبائل الكوردية المتحدة كورمان جي(كرمانجي) ((أبناء أرض مانو)) من الكلمة الكوردية kur (الإبن، ألأبناء))-الذرية.
تشير اللوحات المسمارية السومرية – الأكادية نهاية الألف الثالث ما قبل الميلاد، إلى أن الإتصال مع الصين قد تم أثر نزوج قبائل توخار الهندو – أوروبية إلى تلك المناطق الشرقية، هذه القبائل التي عرفت قديما (بأبناء توكري) في تعاويذ ريكفيدات وفي مملكة توكريش في جبال زاغروس. ومثلما إختفت قبائل توخار الهندو – أوروبية فإن لعشيرة زنكنة من الكورد البختياريين علاقة مباشرة جدا بالهند إذ يمتون بصلة القرابة من حيث المنشأ مع قبائل فيدات الهندو- آرية القديمة – كورو. وهنا يتكهن مؤلف الكتاب بإمكانية عودة أصل التسمية الهندية للقمم الجبلية Gimalaya إلى اللغة الكردية. وبالفعل ، هناك تشابه إتيمولوجي مابين الكلمة الكردية – الشتاء Zimi(stan)وHimalaya ، وإعتبار تغلغل هذا الإسم عبر Gindykyş إلى شبه جزيرة هندستان عن طريق قبائل الكرد القدامى .
ويتناول الكتاب موضوعات أخرى كثيرة شيقة وجديدة على القارئ ، لم تنشر قط سابقا ، تتعلق بتاريخ المنطقة وأصول الكثير من الإتنيات وعلاقاتها بالكورد، فهذا الكتاب الذي وضعه المؤرخ واللغوي الباش – كوردي تحت عنوان ” آريا القديمة وكردســتان الأبدية ” ، الصادر في موسكو باللغة الروسية عام 2007 يعد مصدرا مهما وجديدا في تاريخ الشعب الكردي وإنقلابا على المدارس والجهات التي حاولت تشويه تاريخ الشرق الأوسط وغرب آسيا والهضبة الإيرانية ببدع وأساطير مزيفة بغية إستمرارية الهيمنة على كردستان وتكريس تقسيمه وإبعاد مفهوم تشكيل الدولة القومية للشعب الكردي وتحويله شيئا فشيئا إلى مقاطعات داخلية لدول حديثة التكوين مثل تركيا والعراق وسوريا ناهيك عن إيران التي إستقطعت جزءا مهما ولاتزال من كردستان منذ معركة جالديران .
الكتاب بحد ذاته مصدر حيوي للدراسات التاريخية ولعلم الآثار والدراسات الأتنوغرافية في الجامعات والمعاهد والمراكز البحثية وللمهتمين بتاريخ الكورد خاصة وتاريخ شعوب الشرقين الأوسط والأدنى وجنوب آسيا وغربها عموما .
يبقى القول أن ترجمة هذا الكتاب لم يكن سهلا أبدا إذ كتب بإسلوب صعب وفيه الكثير من التعقيدات اللغوية والمصطلحات الجديدة ، وقد أخذ مني ثلاثة سنوات من العمل بمن فيها المشاكل الفنية التي تعرضت إليها من مسألة الطباعة والتصحيح المتكرر للأخطاء المطبعية ، وكان علي أن أصحح بنفسي جميع المصطلحات والحروف اللاتينية والإشارات اللغوية الواردة في الكتاب ،هذا ورغم كل مجهوداتي وسعي ومراجعاتي للكتاب وإعادة صياغته وتصويب الأخطاء ، فأنا على يقين بأن هناك هفوات كثيرة ونواقص لابد أنها موجودة، فاعتذر مسبقا عن ذلك .
التحميل