Posted by : yazan alaws
الأحد، 22 أكتوبر 2017
عن الكتاب
يؤكد المؤلف أن علم تاريخ الأديان الذي ظهر بصفته تخصصاً اكاديمياً مستقلاً وعلماً غير طائفي ولا ديني في الملتقى بين علم دراسة النصوص المقارنة وعلم الانثروبولجيا، قد تشكل في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، ولقد ظهر اولاً في فرنسا ثم في انكلترا، ثم في سويسرا وهولندا وبلجيكا.
لقد ازدهر هذا التخصص بسبب صعود العلمانية، ولكن تاريخ الأديان الذي وصفه ماكس فيبر بأنه سيكون «فك سحر العالم» سيظل موصوماً بتناقض مصادره على رغم انه نشأ في ظل حركة اوروبية، وهذه الحركة تقود جزءاً من العالم المسيحي، وليس كل كوكب الأرض. وليس من الضروري توضيح ذلك، ويمكن ان يبدو تاريخ الأديان نتيجة لرد الفعل على «فك سحر العالم» هذا، وذلك بتمييز الشعور الديني والخيال الديني بصفته تواصلاً طبيعياً واضحاً، ما دام تاريخ الاديان ينتج من وضع مسافة او من الابتعاد عن الدين.
ويؤكد بورجو، أنه لا يخفى على أحد أن تاريخ الأديان كان ولا يزال أمامه حاجزان كبيران تقليديان وشديدا المقاومة في الوقت الذي يدور الحديث في كل اوروبا عن الدور الذي يجب ان يضطلع به «علم تاريخ الاديان» في التعليم المدرسي العام، وهذان الحاجزان هما من ناحية: التوجس من وجهة نظر المؤمنين او ربما الكراهية التي من الممكن ان يحدثها اسلوب البحث غير المتدين، اي الأسلوب التاريخي النقدي، اي: الملحد او بالاحرى الكافر بالدين، ومن ناحية اخرى الشك الكبير الذي يمكن ان ينزرع – على العكس – في قلوب اتباع العلمانية المتصلبة من امكانية اتباع اسلوب دراسي لموضوع الدين غير محبذ…. لماذا؟
لأن بعضهم يعتقد ان تاريخ الاديان مهمته هي ابعاد الدين، على حين يعتقد الآخرون ان مهمته هي إدخال الدين من الباب الخلفي، وتكمن الخطورة في ان كل انسان يود في اعماق نفسه، سواء أكان سلبياً ام ايجابياً، معرفة ما المقصود بهذا التخصص: الدين، او الاديان.
والكتاب يحدثنا عن انه في ما يخص كلمة تاريخ يكفي القول ان الكلمة هنا مستخدمة في معناها العام الشامل، أي إجراء تحقيق او استقصاء. ويجب عدم جعل تاريخ الأديان مجرد عرض تطور ما نعرفه عن الأديان على مدى الزمان والمكان، او بالأحرى فإن مثل هذا العرض يجب ألا يكون سوى جانب من جوانب هذا التخصص، وربما يكون جانباً ثانوياً من هذا التخصص، إن المهمة الأساسية لتاريخ الأديان هي تحليل الوقائع التاريخية وبالطبع تلك الوقائع الموجودة داخل التاريخ، والتي من الضروري ان تكون مرتبطة به، على أن تكون مكرسة لأهداف أخرى غير متعلقة بالمشهد الخاص بتسلسل النسب.
ويرى المؤلف أن الديانات الأخرى التي عادة ما نطلق عليها الديانات الطبيعية للتمييز بينها وبين الأديان السماوية المنزلة او المفروضة، غالبيتها في سبيلها للانقراض، في ما عدا بالطبع بعض الحركات الدينية التي تظهر فجأة وهي مصطنعة، مثل الحركات الدينية الكورية والاسترالية او الأميركية، والتي تنتمي الى العصر الجديد او الفيمنيزم او الوثنية او الشمانية في آسيا الوسطى او الاحيائية او الشعوذة، ان المادة الاساسية لتاريخ الاديان والتي أصبح من العاجل جداً دراستها، ليست مجرد تسلسل الاديان الكبيرة والصغيرة في العالم، ولكن العناصر القديمة والانظمة التي غالباً ما تكون عتيقة، ولكنها شديدة المقاومة، والتي ارتكزت عليها العقائد الحالية عند تكوينها.
ويذهب بورجو إلى أن هذه التربة ليست مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمبادرات الاساسية الخاصة بالجهل بمعرفة الآخر، والتي نطلق عليها حالياً «حوار الأديان»، وهذا الحوار في الغالب مختص بالاديان الابراهيمية، الى جانب ادخال بعض الديانات «الكبيرة» وإضافتها.
ربما يحذرنا بورجو من عملية اقصاء ما، يرى بالفعل أن لها سلبياتها الواضحة. عن اي مجال اقصائي يتحدث الكاتب؟
يتصل الإقصاء هنا بالحضارات الوثنية القديمة من استقصائنا وتحقيقنا بحجة ان هذا مجال فيه كثير من الغبار، او ان نبعد الشعوب الفقيرة او المهمشة التي يهتم بدراستها علماء أصول السلالات البشرية، كل ذلك معناه اقصاء منابع كثير من القضايا المعاصرة، والأخطر من ذلك اننا نحرم انفسنا من فهم كيف ان تاريخ الاديان يختص بمعرفة الآخر الذي يمكن ان نكونه او الآخر الذي عرفناه بالفعل من زمن ليس ببعيد. وربما ما سنعرفه يوماً إذا أردنا ان نأخذ في الاعتبار ما هي منابع إلهام الحركات الدينية الجديدة وحركات التطرف حيثما وجدت.
إن إقصاء هذا العالم الآخر الأصولي وتفضيل الأديان التوحيدية، وما يطلق عليه الأديان الكبرى على التعددية والثروات اللامحدودة للمجالات المتعددة للثقافة والمجالات عبر التاريخ، كل ذلك سيكون بمثابة تجهيز ما يشبه العلم ويكون حكراً على الديبلوماسيين او «ممثلي» التقاليد الدينية المسيطرة، الذين يرغبون في ارساء حوار في ما بينهم، او على العكس خلق تسلسل تدريجي داخل ما له قيمة من الناحية الاقتصادية والمؤسساتية والاستراتيجية والاحصائية، وأن نوع الأسئلة التي يثيرها تاريخ الأديان يجب ان يظل على نقيض مثل هذا الاستخدام سواء كان سياسياً ام ساذجاً فقط.
وينصح بورجو، النخبة الفكرية الباحثة في سياق تاريخ الأديان وعلاقاتها وتشابكاتها وحتى صراعاتها الفكرية والمادية، بأن علينا ان نبذل بعض الجهود حتى نتخلص من عاداتنا في التفكير في ما يتعلق بالدين والسياسة اذا اردنا دراسة «تاريخ الاديان» وليس تصنيع علم لاهوتي للاديان من دون ان ندرك ذلك، وهذا هو التوجه الفكري لهذا البحث الذي يهدف الى التقديم لهذه المبادرات الأساسية التي كانت أصل تاريخ الأديان.
إن الرجوع الى العوالم القديمة جداً يفرض نفسه علينا لإلقاء الضوء على ما يشكل الجدال الساخن الحالي، وهذا يبدو أكثر قرباً من الحقيقة، لأن «سوبر ماركت ما بعد الحداثة» يلتحم بصورة مدهشة مع العالم المتعدد والناعم للمعتقدات والممارسات التي ترجع الى ما قبل الاختراع المسيحي الاوروبي الذي نطلق عليه عادة بطريقة تلقائية تبدو كأنها طبيعة «الاديان».
تعدد المذاهب الدينية، إعلان الحرب المقدسة، جدال حول الحجاب، علمانية الدولة وتدريس الدين في المدارس… وهناك مناسبات عديدة تجعلنا نتساءل عن العودة المحتملة لكل ما هو ديني.
يقترح علينا فيليب بورجو ان نتجاوز الاشكاليات التي يثيرها هذا الجدال وأن نخصص الوقت الكافي لنتأمل ونحلل مصطلح «الدين».
ومن خلال استعراض تاريخ «الدين» في الغرب، يخلص المؤلف الى ان هذا المصطلح يتغير على مدى الزمان واننا لا نتوقف عن بناء وإعادة بناء ما نطلق عليه مصطلح «دين».
لقد ازدهر هذا التخصص بسبب صعود العلمانية، ولكن تاريخ الأديان الذي وصفه ماكس فيبر بأنه سيكون «فك سحر العالم» سيظل موصوماً بتناقض مصادره على رغم انه نشأ في ظل حركة اوروبية، وهذه الحركة تقود جزءاً من العالم المسيحي، وليس كل كوكب الأرض. وليس من الضروري توضيح ذلك، ويمكن ان يبدو تاريخ الأديان نتيجة لرد الفعل على «فك سحر العالم» هذا، وذلك بتمييز الشعور الديني والخيال الديني بصفته تواصلاً طبيعياً واضحاً، ما دام تاريخ الاديان ينتج من وضع مسافة او من الابتعاد عن الدين.
ويؤكد بورجو، أنه لا يخفى على أحد أن تاريخ الأديان كان ولا يزال أمامه حاجزان كبيران تقليديان وشديدا المقاومة في الوقت الذي يدور الحديث في كل اوروبا عن الدور الذي يجب ان يضطلع به «علم تاريخ الاديان» في التعليم المدرسي العام، وهذان الحاجزان هما من ناحية: التوجس من وجهة نظر المؤمنين او ربما الكراهية التي من الممكن ان يحدثها اسلوب البحث غير المتدين، اي الأسلوب التاريخي النقدي، اي: الملحد او بالاحرى الكافر بالدين، ومن ناحية اخرى الشك الكبير الذي يمكن ان ينزرع – على العكس – في قلوب اتباع العلمانية المتصلبة من امكانية اتباع اسلوب دراسي لموضوع الدين غير محبذ…. لماذا؟
لأن بعضهم يعتقد ان تاريخ الاديان مهمته هي ابعاد الدين، على حين يعتقد الآخرون ان مهمته هي إدخال الدين من الباب الخلفي، وتكمن الخطورة في ان كل انسان يود في اعماق نفسه، سواء أكان سلبياً ام ايجابياً، معرفة ما المقصود بهذا التخصص: الدين، او الاديان.
والكتاب يحدثنا عن انه في ما يخص كلمة تاريخ يكفي القول ان الكلمة هنا مستخدمة في معناها العام الشامل، أي إجراء تحقيق او استقصاء. ويجب عدم جعل تاريخ الأديان مجرد عرض تطور ما نعرفه عن الأديان على مدى الزمان والمكان، او بالأحرى فإن مثل هذا العرض يجب ألا يكون سوى جانب من جوانب هذا التخصص، وربما يكون جانباً ثانوياً من هذا التخصص، إن المهمة الأساسية لتاريخ الأديان هي تحليل الوقائع التاريخية وبالطبع تلك الوقائع الموجودة داخل التاريخ، والتي من الضروري ان تكون مرتبطة به، على أن تكون مكرسة لأهداف أخرى غير متعلقة بالمشهد الخاص بتسلسل النسب.
ويرى المؤلف أن الديانات الأخرى التي عادة ما نطلق عليها الديانات الطبيعية للتمييز بينها وبين الأديان السماوية المنزلة او المفروضة، غالبيتها في سبيلها للانقراض، في ما عدا بالطبع بعض الحركات الدينية التي تظهر فجأة وهي مصطنعة، مثل الحركات الدينية الكورية والاسترالية او الأميركية، والتي تنتمي الى العصر الجديد او الفيمنيزم او الوثنية او الشمانية في آسيا الوسطى او الاحيائية او الشعوذة، ان المادة الاساسية لتاريخ الاديان والتي أصبح من العاجل جداً دراستها، ليست مجرد تسلسل الاديان الكبيرة والصغيرة في العالم، ولكن العناصر القديمة والانظمة التي غالباً ما تكون عتيقة، ولكنها شديدة المقاومة، والتي ارتكزت عليها العقائد الحالية عند تكوينها.
ويذهب بورجو إلى أن هذه التربة ليست مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمبادرات الاساسية الخاصة بالجهل بمعرفة الآخر، والتي نطلق عليها حالياً «حوار الأديان»، وهذا الحوار في الغالب مختص بالاديان الابراهيمية، الى جانب ادخال بعض الديانات «الكبيرة» وإضافتها.
ربما يحذرنا بورجو من عملية اقصاء ما، يرى بالفعل أن لها سلبياتها الواضحة. عن اي مجال اقصائي يتحدث الكاتب؟
يتصل الإقصاء هنا بالحضارات الوثنية القديمة من استقصائنا وتحقيقنا بحجة ان هذا مجال فيه كثير من الغبار، او ان نبعد الشعوب الفقيرة او المهمشة التي يهتم بدراستها علماء أصول السلالات البشرية، كل ذلك معناه اقصاء منابع كثير من القضايا المعاصرة، والأخطر من ذلك اننا نحرم انفسنا من فهم كيف ان تاريخ الاديان يختص بمعرفة الآخر الذي يمكن ان نكونه او الآخر الذي عرفناه بالفعل من زمن ليس ببعيد. وربما ما سنعرفه يوماً إذا أردنا ان نأخذ في الاعتبار ما هي منابع إلهام الحركات الدينية الجديدة وحركات التطرف حيثما وجدت.
إن إقصاء هذا العالم الآخر الأصولي وتفضيل الأديان التوحيدية، وما يطلق عليه الأديان الكبرى على التعددية والثروات اللامحدودة للمجالات المتعددة للثقافة والمجالات عبر التاريخ، كل ذلك سيكون بمثابة تجهيز ما يشبه العلم ويكون حكراً على الديبلوماسيين او «ممثلي» التقاليد الدينية المسيطرة، الذين يرغبون في ارساء حوار في ما بينهم، او على العكس خلق تسلسل تدريجي داخل ما له قيمة من الناحية الاقتصادية والمؤسساتية والاستراتيجية والاحصائية، وأن نوع الأسئلة التي يثيرها تاريخ الأديان يجب ان يظل على نقيض مثل هذا الاستخدام سواء كان سياسياً ام ساذجاً فقط.
وينصح بورجو، النخبة الفكرية الباحثة في سياق تاريخ الأديان وعلاقاتها وتشابكاتها وحتى صراعاتها الفكرية والمادية، بأن علينا ان نبذل بعض الجهود حتى نتخلص من عاداتنا في التفكير في ما يتعلق بالدين والسياسة اذا اردنا دراسة «تاريخ الاديان» وليس تصنيع علم لاهوتي للاديان من دون ان ندرك ذلك، وهذا هو التوجه الفكري لهذا البحث الذي يهدف الى التقديم لهذه المبادرات الأساسية التي كانت أصل تاريخ الأديان.
إن الرجوع الى العوالم القديمة جداً يفرض نفسه علينا لإلقاء الضوء على ما يشكل الجدال الساخن الحالي، وهذا يبدو أكثر قرباً من الحقيقة، لأن «سوبر ماركت ما بعد الحداثة» يلتحم بصورة مدهشة مع العالم المتعدد والناعم للمعتقدات والممارسات التي ترجع الى ما قبل الاختراع المسيحي الاوروبي الذي نطلق عليه عادة بطريقة تلقائية تبدو كأنها طبيعة «الاديان».
تعدد المذاهب الدينية، إعلان الحرب المقدسة، جدال حول الحجاب، علمانية الدولة وتدريس الدين في المدارس… وهناك مناسبات عديدة تجعلنا نتساءل عن العودة المحتملة لكل ما هو ديني.
يقترح علينا فيليب بورجو ان نتجاوز الاشكاليات التي يثيرها هذا الجدال وأن نخصص الوقت الكافي لنتأمل ونحلل مصطلح «الدين».
ومن خلال استعراض تاريخ «الدين» في الغرب، يخلص المؤلف الى ان هذا المصطلح يتغير على مدى الزمان واننا لا نتوقف عن بناء وإعادة بناء ما نطلق عليه مصطلح «دين».