Posted by : Unknown
الخميس، 12 أكتوبر 2017
من بين الكتب التي رمتني في حالة اكتئابيه، كان هذا هو الكتاب الأقسى، الأشد وقعاً، لقد كشف لي أنه لا حدود للوحشية البشرية، لقد كشف لي أن الوحشية البشرية لا تتبدى في لحظة غضب وألم حارقة، وإنما يمكن لها أن تكون فعلاً يومياً، عمل يقوم به الإنسان وهو بقمة الاستمتاع.
مصطفى خليفة شاب سوري مسيحي، تخرج من فرنسا في الإخراج السينمائي، وقرر العودة إلى وطنه، ومن مطار دمشق قبض عليه لسبب لم يعرفه إلا بعد سنوات طويلة، ولكنه خلال هذه السنوات وبخطأ إداري حشر مع الإخوان المسلمين في سجن تدمر الصحراوي، أبشع سجن في العالم، هناك كان عليه أن يعاني التعذيب البشع والممنهج واليومي، وكان عليه أيضاً أن يعيش في صمت طويل لأن الإخوان نبذوه حالما علموا أنه مسيحي، بل ملحد، لم يكن أحد منهم يرغب في تلك اللحظات التي كانوا يواجهون فيها أعتى الظلم والعذاب والموت، ويلجئون فيها إلى ربهم، لم يكونوا يرغبون في الاقتراب من ملحد قد يفسد إيمانهم ولحظاتهم الأخيرة.
ما رواه مصطفى خليفة من داخل السجن، بشع جداً، مؤلم جداً، وصمة عار على البشرية جمعاء، وحوش نهشت كما نعرف 30 ألف سوري وعلقتهم على المشانق، وتأكدت أن لا يمضوا للموت إلى مهانين، ذليلين، ولكننا مع ذلك ننبهر بما يرويه خليفة، رجال مهيبين، علماء وأطباء ومهندسين، فدائيين كانوا يتطوعون ليضربوا بدلاً من المرضى والضعفاء، بل حتى بدل الملحد الذي ينبذونه، كم أتمنى لو تكتب قصص هؤلاء الرجال كاملة، حيواتهم وموتهم الأليم، لقد أبهرتني تصرفاتهم وأفعالهم في ذلكم المهجع.