Posted by : Unknown
السبت، 3 مارس 2018
ايهاب فتحي
لم يكن خروجي من الإسلام بالخروج الهين، بل كانت مرحلة عسيرة استنزفت مني جهدا عقليا ونفسيا وجسمانيا الشيء الكثير. وبقدر ما كانت تلك المرحلة طويلة وكئيبة، بقدر ما سأحاول اختصار أحد أهم أسباب خروجي من ديني في هذه الأسطر. فقد كان المحرك الأول بالنسبة لي والباعث الدائم على الشكوك هو القرآن نفسه، القرآن الذي بأيدينا. ولا أتحدث عن الناسخ والمنسوخ منه، أو عن القراءات المختلفة له، بل جعلت هذا القران هو الحكم والميزان الفصل في ذلك.
لماذا؟
لأني حاولت أن أتمسك بالإسلام قدر طاقتي، فلذلك سأحاول من خلال الأسطر القادمة أن أشرح أهم ما دعاني إلى الخروج من الإسلام، وكما قلت سأتناول القرآن الذي بين أيدينا بالنقد، فلا يهمنى الآيات التي نُسخت أو التي أكلتها الماعز أو التي نسيها الصحابة، أو حتى القراءات التي أحياناً تكون متناقضة في الفهم والمعنى، كقراءة والشمس تجري لا مستقر لها، وقراءة غَلبت الروم، بفتح الغين، بل دعونا نعتبر كل ذلك من الشبهات التي قتلها المدافعون عنها بحثاً ورداً. كذلك لن أتطرق إلى الحديث النبوي، وتناقض بعضه أحياناً مع القرآن؛ أو تناقضه مع بعضه البعض، أو امتلاء الكثير من الأحاديث بالخرافات والأخطاء العلمية والأشياء المناقضة للعقل والواقع. كما أني لن أتناول المنهج الذي اتبعه أهل الحديث في جمع حديث النبوي، وتوضيح ان علم الجرح والتعديل قام في كثير من الأحيان على الرأي والهوى، وان الاختلاف الحادث في عدالة او تجريح شخص واحد أكثر من أن يحصى. لقد قلت لنفسي سأعتبر كل ذلك من الشبهات المردود عليها. كنت أحاول التمسك بالإسلام بأي شكل، حتى لو أصبحت قرآنيا منكراً للسنة، صوفياً، شيعياً، مسلماً علمانياً، كان المهم ألا أقطع عروة الوصل بيني وبين ديني الإسلام. ولكن كيف أتخلص من المشكلة أو المشاكل التي كانت تظهر لي مع القران نفسه؟
فمن السهل التنصل من الأحاديث والروايات، ومن مراحل كثيرة من السيرة النبوية الممتلئة عنفاً، ومن المشاكل التي أحاطت بجمع القرآن وقصة حرق الخليفة عثمان للنسخ المخالفة، وقوْل ابن عمر: لا يقولن أحدكم قد أوتيت القرآن كله، ولا يدري ما كله، وقد ذهب منه الكثير. كنت على استعداد أن أعتبر كل ما سبق كأنه هباءً منثورا، وشبهات يرددها أعداء الدين، بغية الانقضاض على الإسلام، وحسداً من عند أنفسهم. ولكن ماذا أفعل مع القران الذي بأيدينا نفسه، والمشاكل التي به؟
والحق أن تلك المشاكل لم تكن من اختراعي أو تصوري، بل حتى كبار المفسرين أشكل عليهم تفسير العديد من الآيات، حتى أن إبن تيمية ألّف مصنفاً سماه: تفسير آيات أشكلت، قال فيه: “آيات أشكلت على كثير من العلماء حتى لا يوجد فيها إلا ما هو خطأ”. ولكن قبل عرض بعض تلك المشكلات، فأنني أُقر بأني قد ختمت القرآن في خمسة أيام، قبل كتابة هذا الموضوع، لغرض دراسة نقدية ووضع القرآن في الميزان، ورؤية جديدة للآيات التي في صالحه، أو العكس. لقد كانت قرائتي تلك مختلفة، وكانت هناك بعض الآيات التي في صالحه فعلا مثل:
إذ يغشيكم النعاس أمنة منه، قبل معركتي بدر وأحد، فكيف يستطيع من هم على أهبّة المعركة أن يناموا؟
غلبت الروم وهم من بعد غلبهم سيغلبون، بضم الغين الأولى، على القراءة الأشهر، وبالتسليم التاريخي، بصحة الواقعة
سيهزم الجمع ويولون الدبر، وقد هُزم كفار القريش، بل وخضعت الجزيرة في فترة وجيزة لحكم الإسلام
وإن كنت أصبحت أشك في وقت كتابة الآيات وترتيبها، وفي كل ما يتعلق بالقرآن، ولكن هذا الشك مني ومن الشيطان
طبعا لا داعي للدخول في صداع أو وهم الإعجاز العلمي، وإن كان بالنسبة لي أهم ما فيه هو قول القرآن (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ومن كل تستخرجون لحما طريا وحلية تلبسونها)، فلم يكن معروفا وقتها أن المرجان يوجد في الماء العذب، إنما عُرف ذلك الآن، وحاولت أن أقف على حقيقة الأمر، ولكني سأسلم للمواقع الإسلامية بذلك، فلم أستطع أن أتحقق من مواقع حيادية، خاصة العربية، فقد طغت المواقع الإسلامية على جوجل، وكلما دخلت موقعا وجدته يزيّل كلامه بـ “وكيف عرف النبي محمد هذا الأمر من اكثر من 1400 سنة” ومع اختلاف المفسرين وأهل اللغة في “المرجان”؟ ولكن كما قلت، سأسلم لهم بذلك. أما غير ذلك، فأنا أعتبره هلاوس وتهيآت ولَي أعناق النصوص من دون مبرر. وبالمقابل كان هناك الكثير من الآيات التي ترجح بشريته، والتي لن أستطيع حصرها في هذا الموجز. ولكني سأذكر بعضها، وسأجعل عنوان بحثي هو الآية: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا) وبمفوم الضد، كما يقول الأصوليون، بما أنه من عند الله فلا يوجد به اختلاف، سواءً كان كبيراً ام صغيراً. وأريد أن أدخل في الموضوع مباشرة، فسأبدأ بقصة طوفان النبي نوح وسفينته الناجية: ولقد تركناها آية فهل من مدكر.. لمّا يخاطب رب الكون عباده من خلال قرآنه عن سفينة نوح ويقول أنها باقية، دون تحديد وقت لهذا البقاء، فإن الأصل أن يكون اللفظ على عمومه، حيث لا يوجد في القران مقيّد له، والبقاء ضد الفناء، ونحن لم نرَ النبي نوحاً ولا أحداً من الأنبياء، ولو كانت تلك السفينة باقية لكانت آية عظيمة، تستيقن بها القلوب، ولكنها ليست موجودة. مع أن القرآن يقول: فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ. أي أن تلك الآية هي للعالمين، يعني البشر كلهم في كل مكان وكل زمان. فأين هي تلك السفينة الباقية؟ قال عبد بن حميد: “أبقى الله سفينة نوح على الجودي حتى أدركها أوائل هذه الأمة”. ولكن أحداً من أوائل هذه الأمة لم يقل أنه رآها! وقال قتادة: “ألقى الله عز وجل السفينة في أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة نظراً، وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رماداً”. وهذا كلام يعوزه الدليل. كما جاء في الدر المنثور للسيوطي: “قال قتادة في تفسير الآية وجعلناها آية للعالمين قال: أبقاها الله آية فهي على الجودي”. أظن أن كثيراً من العرب اعتقدوا أن السفينة باقية، فقد كان هذا ما يدعيه أهل الكتاب المجاورون لهم، أي أنه وفقا لتفاسير عدة، أن الله قد أبقاها حتى صدر أمة النبي محمد، ثم هلكت. ومع التسليم لهم، فلا دليل على كلامهم في تواريخ الأمم، فهل صدر أمة النبي محمد هم العالمون؟ وهل بهذا يتحقق لها شرطا البقاء والإعجاز؟ وقد حاول بعض المفسرين كابن كثير الخروج من الإشكال فقال: “والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفينة، كقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ. يعني أن الله قد أبقى لنا جنس السفن بشكل عام، وليس سفينة نوح، وأنت أيها القارئ حر في أن تصدق ذلك أو تتعجب منه، ولكن المهم أن الله تركها “آية”. ولكن هل يتذكر أحدكم قصة نوح والطوفان عندما يركب أي سفينة؟ ربما البعض منا يتذكر فيلم (تايتانك)، إنما لا يخطر على باله موضع نوح من الأساس… نأتي للطوفان نفسه، لا يوجد أي دليل اركيولوجي يقول أن هناك طوفاناً عمّ الأرض كلها وفقاً لما تقول به التوراة. أما عن القرآن، فيقول البعض ربما كان الطوفان إقليمياً، والقرآن لم يحدد. ولكن القرآن يقول: وجعلنا ذريته هم الباقون، فذرية نوح إذاً هي الباقية، بينما هلكت جميع الأمم. ومما يدل على عالمية الطوفان أيضاً، أن نوح قد أُمر بصنع السفينة في البر، حتى أن قومه سخروا منه، فلو كان الطوفان جزئياً لكان أيسر له أن يرتحل ومن آمن معه بالسفر براً بدلاً من أن يقضي كل ذلك الوقت ويبذل كل ذلك الجهد في بناء سفينة ضخمة. كذلك من الدلائل على عالمية الطوفان في القرآن، أن النبي نوح أُمر بأن يحمل من كل زوجين اثنين، مما يعطي إشارة أيضاً بأن الطوفان كان عالمياً. كما أن القرآن جاء والتوراة بأيدي اليهود، تقول أن الطوفان عمّ الدنيا، وسكوت القرآن عن ذلك وعدم تكذيبه لذلك التعميم العالمي، لابد أن فيه إقرار بصحته. وقد كان النبي يقبّل التوراة ويضعها تحت رأسه ويقول: “آمنت بك وبمن أنزلت”، ولم تتغير التوراة منذ عهد النبي. كما أنه لن يوقّر توراة محرفةً تحوى ما كتبه رهبانهم بأيديهم ونسبوه إلى الله. فما سبق يؤكد أن الطوفان كان عالميا وفقا لمفهوم القرآن. ولكن كما أسلفت، لا يوجد ما يؤيد ذلك من العلم، ونحن في عصر لم نشهد فيه الأنبياء ولا المعجزات، فكان من الممكن أن يثبت العلم وجود هذا الطوفان كي يكون آية للمؤمنين. كذلك لا يوجد ما يمنع من بقاء تلك السفينة عبر العصور كي يزداد الذين آمنوا إيماناً. ولكن للأسف لا أثر لها رغم الأموال الطائلة التي صرفتها الكنيسة لاكتشاف هذه السفينة، وكم من مرة سمعنا فيها عن اكتشاف سفينة نوح، حتى أني أذكر مقالاً أمريكياً يقول أنه منذ القرن التاسع عشر، لا توجد بعثة استكشافية ذهبت للبحث عن سفينة نوح إلا وزعمت أنها وجدتها. الله يفترض به أنه كلي العلم والقدرة، ولن يعجزه بقاء السفينة، فأهرام مصر مازالت باقية، وحدائق بابل نقلت لنا كتب التاريخ ذكرها، بخلاف سفينة نوح، فلا هي باقية، ولا منقول لنا ذكرها إلا من خلال الكتب الدينية.
وقالت اليهود عزير ابن الله – عَنْ اِبْن جُرَيْج, قَالَ: سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر, قَوْله: {وَقَالَتْ الْيَهُود عُزَيْر اِبْن اللَّه}, قَالَ: قَالَهَا رَجُل وَاحِد , قَالُوا: إِنَّ اِسْمه فنحاص, وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ قَوْل جَمَاعَة مِنْهُمْ. بل اذكر اني قرأت لابن حزم قوله: انهم كانوا فرقة من اليهود هي التي قالت ذلك وانقرضت!! وانقرضت.. نعم ما أسهل تلك الدعوى، فابن حزم وهو بالأندلس يقول انهم كانوا جماعة باليمن، وانقرضوا. الحقيقة ان هناك مشكلة كبيرة في الردود، (من قبل المفسرين) فأنا أشعر أنها ردود من وجدوا أنفسهم في ورطة، فاليهود لم يقولوا ان عزيزا هو ابن الله، ولو قالت طائفة قليلة منهم ذلك، فهل نعمم على كل اليهود، هل لو قالت طائفة من المسلمين ان النبي محمدا هو ابن الله، هل نحمل ذلك على عموم المسلمين. إنما الآية جاءت في سياق تحريض المؤمنين على قتال اليهود والنصارى، وسبب التحريض ان النصارى قالوا أن المسيح ابن الله، وهذا مشاهد ومعايش ومشهور من ذلك الوقت والى الآن ولا يمكن إنكاره، بل حتى ان انكرت طائفة من المسيحين ذلك، فقد أصبح ذلك علما عليهم، اما اليهود، فبخلافهم والجمع بينهما في الآية يوحي انهما في الفعل سواء. غير المسلم يقول: ان الآيات انما هي نوع من التحريض على قتال كل من اليهود والنصارى بغض النظر عن تطابق الواقع مع ما ذكرته الآيات. ماذا سيكون رد المسلم؟ .. انا قرأت جميع الردود عن تلك (الشبهة)، واستطيع ان أؤكد لك انها من قبيل الرد الذي يؤكد ظن غير المسلم ولا ينفيه. وعلى ذكر اليهود، أتذكر تلك الآية (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ) فهل حقا حكم اليهود مصر؟ وهل يوجد مصدر تاريخي يقول ذلك؟
تلك النوعية من الردود هي ردود من قبيل الرد ليس إلا، فهناك تساؤل يُطرح أو شبهة تثار؛ إذن فلابد ان يكون هناك رد، حتى لو كان هذا الرد من قبيل ان فنحاص هو من قال ذلك او انها طائفة باليمن وانقرضت. وتسطيع أن تستدل على بطلان تلك الردود، بمقدماتهم الطويلة، التي تشبه غسيل الدماغ، فهو قبل ان يجيبك، لا بد ان يبدأ إجابته، بعدة اسطر يقرر فيها ان القران وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وان اعداء الإسلام مافتئوا يبحثون عن شيء او مأخذ على الإسلام، ولكن أنّى لهم ذلك.. هل حقا ما يقولونه صحيح؟
هل الله وحده يعلم ما في الأرحام؟ آية (..ويعلم ما في الأرحام..)، وشرحها في الحديث (خمس لا يعلمهن إلا الله)، فمفهوم الحديث الشارح للآية أن الله وحده يعلم ما في الأرحام.. ما لا نعلمه في الأرحام كثير، ولكن أهمه هو نوع الجنين، وهو ما ينصرف إليه الذهن، وما كان يظنه الناس هو ان الله وحده اختص نفسه بعلمه، ولكن لمّا أصبحنا الآن نعلم ما في الأرحام (ذكرا كان أم أنثى) بل أصبحنا نحدد نوع الجنين، قال المفسرون ومنهم الشيخ الشعراوي، انه ليس المقصود هو علم نوع الجنين فحسب، بل علم رزقه واجله وشقي ام سعيد. طيب، هذه الأشياء لا نعلمها لا عن الجنين ولا عن الإنسان العادي، ولا اعلمها عن نفسي، فلماذا يخص الله ما في الأرحام بالعلم إلا إذا كان يقصد علم النوع؛ وهل الذي قال (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) كان يعلم ان هناك مناطق لن ترى هذا الخيط، لأيام او شهور متوالية، فكيف سيصوم أهل تلك البلدان، هل على توقيت مكة، أم على توقيت أقرب بلد مسلم، ام اقرب نقطة يتعاقب فيها الليل والنهار في يوم واحد، لماذا لم يخبرنا القرآن بوجود هذه المشكلة، فضلا عن أن يضع حلا لها؟
تصور القرآن للسماء
تصور السماء في الإسلام من المسائل الكفيلة بهدم ثلاثة أديان في آنٍ، وليس دينا واحدا، فالقران وصف السماء بالبناء الصلب المحكم الخالي من الفتحات، حيث قال (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج)، ونحن الآن إذا انطلقنا من الكرة الأرضية صعودا إلى أي تجاه فلن نجد هذه السماء الصلبة المحكمة البناء. كما لا يمكن أن نرد بأن العلم الحديث لم يصل إلى هذه السماء التي يحدثنا القران عنها. فهذا القول مردود بالقرآن نفسه الذي يدعونا إلى النظر إلى السماء التي فوقنا، فهل كان يدعونا إلى النظر الى شيء لم يكتشف بعد؟ كما لا يمكن صرف القول إلى انك عندما تنظر إلى أعلى ترى السماء وكأنها سقف محكم. فهذا اللون الأزرق الذي نشاهده ماهو إلا انكسار الضوء عبر الغلاف الجوي. بل حتى أن القرآن تصور وجود سبع سماوات متطابقة، حيث يقول (الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير) بل (وجعل القمر فيهن نورا) فهل ينير هذا القمر السماء الدنيا (الموجودة في خيال المؤمن) فضلا عن ان ينير السموات السبع (التي هي ليست موجودة أصلا)؟ طبعا جهابذة التفسير واللغة يسدون هذا العجز والخلل بكلام ساقط، ويضربون الأمثال بتساؤلهم السخيف: هل لو قلنا: زيد في مصر، هل يكون زيد في مصر كلها أم في جزء من مصر، فهم بترقيعهم هذا ينفون، من حيث لا يدرون، عن القرآن إعجازه المزعوم، فبدلا من أن يشمل اللفظ في القرآن كل جوانب المعنى ويستوفيه اصبح مقصورا، بفضلهم، على معنى بعيد غير مقصود.. فالقرآن لم يقل ان القمر في السموات السبع وسكت، بل قال انه جعله فيهن نورا. وهل من يدخل في الاسلام من غير العرب عليه ان يكون ملما بأساليب العرب في البلاغة والبيان حتى يستوعب هذا الشرح العاجز… وهل هكذا تتحقق شمولية الإسلام وعالمية القرآن؟
آياتان كثيرا ما تعجبت لهما
(إنا عرضنا الآمانة على السموات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا) والثانية (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم، قالوا بلى شهدنا)
فبالنسبة للآية الآولى، تجد ان الإنسان كأنه حمل الأمانة اختيارا، من هو هذا الإنسان، هل هو انا ام انت، لا نعرف ولا يفيد السؤال كثيرا، فلا توجد إجابة شافية، حتى لو ان آدم قبل حملها (افتراضا)، فما ذنبي أنا ولماذا لم تتح لي فرصة الاختيار؟
انا انسان من نفس نوع الإنسان التي تحدثت عنه الآية واقر امامكم انه لو عرض على حمل الأمانة لأجبت بالرفض، ولأكن مثل السموات والأرض؟ فمن هو إذا الإنسان الذي حملها؟
أما الآية الثانية فهي أعجب فبصرف النظر عن اللخبطة اللغوية فيها، حيث يقول القران ان الله اخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، يعني ليست الذرية من ظهر آدم، بل من ظهور أبناء آدم نفسه.. هل فهم أحد شيئا؟!.. (ما علينا) لنعتبر انه اخذ من ظهر آدم تلك الذرية المزعومة، ثم أشهدهم على انفسهم انه هو الله خالقهم هل منكم أحد يستطيع ان يذكر تلك الشهادة؟ بالطبع لا إذن فماذا كانت فائدتها؟ لا والأعجب ان القرآن يحتج علينا بأننا سنقول اننا كنا غافلين عن هذا عن نفسي لو سألني الله عنها، سأقول اني لا اتذكرها على الإطلاق، بل واجزم انها لم تحدث، ولو شاء الله لذكرني بها وإياكم
تباين أسلوب القران
واقصد التباين البلاغي لا التشريعي، فالقرآن به آيات بل وسور كاملة بلغت الغاية في البلاغة والبيان، وما زلت أستمتع بسماعها إلى الآن، كسورة الفرقان، ومريم، وآيات من الأعراف وهود وغيره الكثير.
لكن بالمقابل هناك آيات كُثر، بل وسورٌ، تجد أنها ابعد ما تكون عن تلك البلاغة الرائعة، وأضرب لك مثلا بسور (محمد والبينة والقارعة).. مع علمي ان تلك النقطة لا يتفق فيها اثنان فما يكون رائعا لشخص قد يكون مملا لآخر، بل من السهل ان نرمي الطرف الآخر بفساد السليقة او على الأقل عدم التمكن من العربية، او نلقي على مسامعه شعرا من مثل
ومن يك ذا فم مر مرير … يجد مرا به الماء الزلالا
ولكن انظر إلى هذه الآيات: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون). وانا اسأل؛ ما وجه الجمال والبلاغة في الآيات السابقات؟ وهل التحرّج في الأكل سواء كنّا زرَافاتٍ أم وحْدانا يحتاج لتشريع من خالق الكون؟ اقرأ الآيات مرة أخرى، ثم اقرأ هذا البيت
أستغفر الله ذنبا لست أعلمه … رب العباد إليه الوجه والعمل
لقد كان هذا البيت يظهر الدمع في عيني أيام إسلامي، بخلاف الآيات السابقة
قضية التكرار في القرآن
خاصة قصة النبي موسى وفرعون.. ألا تلقي ظلالا من الشك بأن هناك الكثير من الاقتباس، خاصة وان تلك القصة تعد الأهم عند من كان العرب يسمونهم في ذلك الوقت، ووافقهم القرآن، بـ (أهل الكتاب).. كم مرة قابلتك قصة النبي موسى في القرآن، وفي المقابل، لم نسمع عن النبي ذي الكفل إلا مرة واحدة، حتى ان اسمه لا نعلمه، بل ذكره القرآن بكنيته
لماذا؟
لأني حاولت أن أتمسك بالإسلام قدر طاقتي، فلذلك سأحاول من خلال الأسطر القادمة أن أشرح أهم ما دعاني إلى الخروج من الإسلام، وكما قلت سأتناول القرآن الذي بين أيدينا بالنقد، فلا يهمنى الآيات التي نُسخت أو التي أكلتها الماعز أو التي نسيها الصحابة، أو حتى القراءات التي أحياناً تكون متناقضة في الفهم والمعنى، كقراءة والشمس تجري لا مستقر لها، وقراءة غَلبت الروم، بفتح الغين، بل دعونا نعتبر كل ذلك من الشبهات التي قتلها المدافعون عنها بحثاً ورداً. كذلك لن أتطرق إلى الحديث النبوي، وتناقض بعضه أحياناً مع القرآن؛ أو تناقضه مع بعضه البعض، أو امتلاء الكثير من الأحاديث بالخرافات والأخطاء العلمية والأشياء المناقضة للعقل والواقع. كما أني لن أتناول المنهج الذي اتبعه أهل الحديث في جمع حديث النبوي، وتوضيح ان علم الجرح والتعديل قام في كثير من الأحيان على الرأي والهوى، وان الاختلاف الحادث في عدالة او تجريح شخص واحد أكثر من أن يحصى. لقد قلت لنفسي سأعتبر كل ذلك من الشبهات المردود عليها. كنت أحاول التمسك بالإسلام بأي شكل، حتى لو أصبحت قرآنيا منكراً للسنة، صوفياً، شيعياً، مسلماً علمانياً، كان المهم ألا أقطع عروة الوصل بيني وبين ديني الإسلام. ولكن كيف أتخلص من المشكلة أو المشاكل التي كانت تظهر لي مع القران نفسه؟
فمن السهل التنصل من الأحاديث والروايات، ومن مراحل كثيرة من السيرة النبوية الممتلئة عنفاً، ومن المشاكل التي أحاطت بجمع القرآن وقصة حرق الخليفة عثمان للنسخ المخالفة، وقوْل ابن عمر: لا يقولن أحدكم قد أوتيت القرآن كله، ولا يدري ما كله، وقد ذهب منه الكثير. كنت على استعداد أن أعتبر كل ما سبق كأنه هباءً منثورا، وشبهات يرددها أعداء الدين، بغية الانقضاض على الإسلام، وحسداً من عند أنفسهم. ولكن ماذا أفعل مع القران الذي بأيدينا نفسه، والمشاكل التي به؟
والحق أن تلك المشاكل لم تكن من اختراعي أو تصوري، بل حتى كبار المفسرين أشكل عليهم تفسير العديد من الآيات، حتى أن إبن تيمية ألّف مصنفاً سماه: تفسير آيات أشكلت، قال فيه: “آيات أشكلت على كثير من العلماء حتى لا يوجد فيها إلا ما هو خطأ”. ولكن قبل عرض بعض تلك المشكلات، فأنني أُقر بأني قد ختمت القرآن في خمسة أيام، قبل كتابة هذا الموضوع، لغرض دراسة نقدية ووضع القرآن في الميزان، ورؤية جديدة للآيات التي في صالحه، أو العكس. لقد كانت قرائتي تلك مختلفة، وكانت هناك بعض الآيات التي في صالحه فعلا مثل:
إذ يغشيكم النعاس أمنة منه، قبل معركتي بدر وأحد، فكيف يستطيع من هم على أهبّة المعركة أن يناموا؟
غلبت الروم وهم من بعد غلبهم سيغلبون، بضم الغين الأولى، على القراءة الأشهر، وبالتسليم التاريخي، بصحة الواقعة
سيهزم الجمع ويولون الدبر، وقد هُزم كفار القريش، بل وخضعت الجزيرة في فترة وجيزة لحكم الإسلام
وإن كنت أصبحت أشك في وقت كتابة الآيات وترتيبها، وفي كل ما يتعلق بالقرآن، ولكن هذا الشك مني ومن الشيطان
طبعا لا داعي للدخول في صداع أو وهم الإعجاز العلمي، وإن كان بالنسبة لي أهم ما فيه هو قول القرآن (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ومن كل تستخرجون لحما طريا وحلية تلبسونها)، فلم يكن معروفا وقتها أن المرجان يوجد في الماء العذب، إنما عُرف ذلك الآن، وحاولت أن أقف على حقيقة الأمر، ولكني سأسلم للمواقع الإسلامية بذلك، فلم أستطع أن أتحقق من مواقع حيادية، خاصة العربية، فقد طغت المواقع الإسلامية على جوجل، وكلما دخلت موقعا وجدته يزيّل كلامه بـ “وكيف عرف النبي محمد هذا الأمر من اكثر من 1400 سنة” ومع اختلاف المفسرين وأهل اللغة في “المرجان”؟ ولكن كما قلت، سأسلم لهم بذلك. أما غير ذلك، فأنا أعتبره هلاوس وتهيآت ولَي أعناق النصوص من دون مبرر. وبالمقابل كان هناك الكثير من الآيات التي ترجح بشريته، والتي لن أستطيع حصرها في هذا الموجز. ولكني سأذكر بعضها، وسأجعل عنوان بحثي هو الآية: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كبيرا) وبمفوم الضد، كما يقول الأصوليون، بما أنه من عند الله فلا يوجد به اختلاف، سواءً كان كبيراً ام صغيراً. وأريد أن أدخل في الموضوع مباشرة، فسأبدأ بقصة طوفان النبي نوح وسفينته الناجية: ولقد تركناها آية فهل من مدكر.. لمّا يخاطب رب الكون عباده من خلال قرآنه عن سفينة نوح ويقول أنها باقية، دون تحديد وقت لهذا البقاء، فإن الأصل أن يكون اللفظ على عمومه، حيث لا يوجد في القران مقيّد له، والبقاء ضد الفناء، ونحن لم نرَ النبي نوحاً ولا أحداً من الأنبياء، ولو كانت تلك السفينة باقية لكانت آية عظيمة، تستيقن بها القلوب، ولكنها ليست موجودة. مع أن القرآن يقول: فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ. أي أن تلك الآية هي للعالمين، يعني البشر كلهم في كل مكان وكل زمان. فأين هي تلك السفينة الباقية؟ قال عبد بن حميد: “أبقى الله سفينة نوح على الجودي حتى أدركها أوائل هذه الأمة”. ولكن أحداً من أوائل هذه الأمة لم يقل أنه رآها! وقال قتادة: “ألقى الله عز وجل السفينة في أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة نظراً، وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رماداً”. وهذا كلام يعوزه الدليل. كما جاء في الدر المنثور للسيوطي: “قال قتادة في تفسير الآية وجعلناها آية للعالمين قال: أبقاها الله آية فهي على الجودي”. أظن أن كثيراً من العرب اعتقدوا أن السفينة باقية، فقد كان هذا ما يدعيه أهل الكتاب المجاورون لهم، أي أنه وفقا لتفاسير عدة، أن الله قد أبقاها حتى صدر أمة النبي محمد، ثم هلكت. ومع التسليم لهم، فلا دليل على كلامهم في تواريخ الأمم، فهل صدر أمة النبي محمد هم العالمون؟ وهل بهذا يتحقق لها شرطا البقاء والإعجاز؟ وقد حاول بعض المفسرين كابن كثير الخروج من الإشكال فقال: “والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفينة، كقوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ. يعني أن الله قد أبقى لنا جنس السفن بشكل عام، وليس سفينة نوح، وأنت أيها القارئ حر في أن تصدق ذلك أو تتعجب منه، ولكن المهم أن الله تركها “آية”. ولكن هل يتذكر أحدكم قصة نوح والطوفان عندما يركب أي سفينة؟ ربما البعض منا يتذكر فيلم (تايتانك)، إنما لا يخطر على باله موضع نوح من الأساس… نأتي للطوفان نفسه، لا يوجد أي دليل اركيولوجي يقول أن هناك طوفاناً عمّ الأرض كلها وفقاً لما تقول به التوراة. أما عن القرآن، فيقول البعض ربما كان الطوفان إقليمياً، والقرآن لم يحدد. ولكن القرآن يقول: وجعلنا ذريته هم الباقون، فذرية نوح إذاً هي الباقية، بينما هلكت جميع الأمم. ومما يدل على عالمية الطوفان أيضاً، أن نوح قد أُمر بصنع السفينة في البر، حتى أن قومه سخروا منه، فلو كان الطوفان جزئياً لكان أيسر له أن يرتحل ومن آمن معه بالسفر براً بدلاً من أن يقضي كل ذلك الوقت ويبذل كل ذلك الجهد في بناء سفينة ضخمة. كذلك من الدلائل على عالمية الطوفان في القرآن، أن النبي نوح أُمر بأن يحمل من كل زوجين اثنين، مما يعطي إشارة أيضاً بأن الطوفان كان عالمياً. كما أن القرآن جاء والتوراة بأيدي اليهود، تقول أن الطوفان عمّ الدنيا، وسكوت القرآن عن ذلك وعدم تكذيبه لذلك التعميم العالمي، لابد أن فيه إقرار بصحته. وقد كان النبي يقبّل التوراة ويضعها تحت رأسه ويقول: “آمنت بك وبمن أنزلت”، ولم تتغير التوراة منذ عهد النبي. كما أنه لن يوقّر توراة محرفةً تحوى ما كتبه رهبانهم بأيديهم ونسبوه إلى الله. فما سبق يؤكد أن الطوفان كان عالميا وفقا لمفهوم القرآن. ولكن كما أسلفت، لا يوجد ما يؤيد ذلك من العلم، ونحن في عصر لم نشهد فيه الأنبياء ولا المعجزات، فكان من الممكن أن يثبت العلم وجود هذا الطوفان كي يكون آية للمؤمنين. كذلك لا يوجد ما يمنع من بقاء تلك السفينة عبر العصور كي يزداد الذين آمنوا إيماناً. ولكن للأسف لا أثر لها رغم الأموال الطائلة التي صرفتها الكنيسة لاكتشاف هذه السفينة، وكم من مرة سمعنا فيها عن اكتشاف سفينة نوح، حتى أني أذكر مقالاً أمريكياً يقول أنه منذ القرن التاسع عشر، لا توجد بعثة استكشافية ذهبت للبحث عن سفينة نوح إلا وزعمت أنها وجدتها. الله يفترض به أنه كلي العلم والقدرة، ولن يعجزه بقاء السفينة، فأهرام مصر مازالت باقية، وحدائق بابل نقلت لنا كتب التاريخ ذكرها، بخلاف سفينة نوح، فلا هي باقية، ولا منقول لنا ذكرها إلا من خلال الكتب الدينية.
وقالت اليهود عزير ابن الله – عَنْ اِبْن جُرَيْج, قَالَ: سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد بْن عُمَيْر, قَوْله: {وَقَالَتْ الْيَهُود عُزَيْر اِبْن اللَّه}, قَالَ: قَالَهَا رَجُل وَاحِد , قَالُوا: إِنَّ اِسْمه فنحاص, وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَانَ ذَلِكَ قَوْل جَمَاعَة مِنْهُمْ. بل اذكر اني قرأت لابن حزم قوله: انهم كانوا فرقة من اليهود هي التي قالت ذلك وانقرضت!! وانقرضت.. نعم ما أسهل تلك الدعوى، فابن حزم وهو بالأندلس يقول انهم كانوا جماعة باليمن، وانقرضوا. الحقيقة ان هناك مشكلة كبيرة في الردود، (من قبل المفسرين) فأنا أشعر أنها ردود من وجدوا أنفسهم في ورطة، فاليهود لم يقولوا ان عزيزا هو ابن الله، ولو قالت طائفة قليلة منهم ذلك، فهل نعمم على كل اليهود، هل لو قالت طائفة من المسلمين ان النبي محمدا هو ابن الله، هل نحمل ذلك على عموم المسلمين. إنما الآية جاءت في سياق تحريض المؤمنين على قتال اليهود والنصارى، وسبب التحريض ان النصارى قالوا أن المسيح ابن الله، وهذا مشاهد ومعايش ومشهور من ذلك الوقت والى الآن ولا يمكن إنكاره، بل حتى ان انكرت طائفة من المسيحين ذلك، فقد أصبح ذلك علما عليهم، اما اليهود، فبخلافهم والجمع بينهما في الآية يوحي انهما في الفعل سواء. غير المسلم يقول: ان الآيات انما هي نوع من التحريض على قتال كل من اليهود والنصارى بغض النظر عن تطابق الواقع مع ما ذكرته الآيات. ماذا سيكون رد المسلم؟ .. انا قرأت جميع الردود عن تلك (الشبهة)، واستطيع ان أؤكد لك انها من قبيل الرد الذي يؤكد ظن غير المسلم ولا ينفيه. وعلى ذكر اليهود، أتذكر تلك الآية (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ) فهل حقا حكم اليهود مصر؟ وهل يوجد مصدر تاريخي يقول ذلك؟
تلك النوعية من الردود هي ردود من قبيل الرد ليس إلا، فهناك تساؤل يُطرح أو شبهة تثار؛ إذن فلابد ان يكون هناك رد، حتى لو كان هذا الرد من قبيل ان فنحاص هو من قال ذلك او انها طائفة باليمن وانقرضت. وتسطيع أن تستدل على بطلان تلك الردود، بمقدماتهم الطويلة، التي تشبه غسيل الدماغ، فهو قبل ان يجيبك، لا بد ان يبدأ إجابته، بعدة اسطر يقرر فيها ان القران وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وان اعداء الإسلام مافتئوا يبحثون عن شيء او مأخذ على الإسلام، ولكن أنّى لهم ذلك.. هل حقا ما يقولونه صحيح؟
هل الله وحده يعلم ما في الأرحام؟ آية (..ويعلم ما في الأرحام..)، وشرحها في الحديث (خمس لا يعلمهن إلا الله)، فمفهوم الحديث الشارح للآية أن الله وحده يعلم ما في الأرحام.. ما لا نعلمه في الأرحام كثير، ولكن أهمه هو نوع الجنين، وهو ما ينصرف إليه الذهن، وما كان يظنه الناس هو ان الله وحده اختص نفسه بعلمه، ولكن لمّا أصبحنا الآن نعلم ما في الأرحام (ذكرا كان أم أنثى) بل أصبحنا نحدد نوع الجنين، قال المفسرون ومنهم الشيخ الشعراوي، انه ليس المقصود هو علم نوع الجنين فحسب، بل علم رزقه واجله وشقي ام سعيد. طيب، هذه الأشياء لا نعلمها لا عن الجنين ولا عن الإنسان العادي، ولا اعلمها عن نفسي، فلماذا يخص الله ما في الأرحام بالعلم إلا إذا كان يقصد علم النوع؛ وهل الذي قال (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) كان يعلم ان هناك مناطق لن ترى هذا الخيط، لأيام او شهور متوالية، فكيف سيصوم أهل تلك البلدان، هل على توقيت مكة، أم على توقيت أقرب بلد مسلم، ام اقرب نقطة يتعاقب فيها الليل والنهار في يوم واحد، لماذا لم يخبرنا القرآن بوجود هذه المشكلة، فضلا عن أن يضع حلا لها؟
تصور القرآن للسماء
تصور السماء في الإسلام من المسائل الكفيلة بهدم ثلاثة أديان في آنٍ، وليس دينا واحدا، فالقران وصف السماء بالبناء الصلب المحكم الخالي من الفتحات، حيث قال (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج)، ونحن الآن إذا انطلقنا من الكرة الأرضية صعودا إلى أي تجاه فلن نجد هذه السماء الصلبة المحكمة البناء. كما لا يمكن أن نرد بأن العلم الحديث لم يصل إلى هذه السماء التي يحدثنا القران عنها. فهذا القول مردود بالقرآن نفسه الذي يدعونا إلى النظر إلى السماء التي فوقنا، فهل كان يدعونا إلى النظر الى شيء لم يكتشف بعد؟ كما لا يمكن صرف القول إلى انك عندما تنظر إلى أعلى ترى السماء وكأنها سقف محكم. فهذا اللون الأزرق الذي نشاهده ماهو إلا انكسار الضوء عبر الغلاف الجوي. بل حتى أن القرآن تصور وجود سبع سماوات متطابقة، حيث يقول (الذي خلق سبع سماوات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير) بل (وجعل القمر فيهن نورا) فهل ينير هذا القمر السماء الدنيا (الموجودة في خيال المؤمن) فضلا عن ان ينير السموات السبع (التي هي ليست موجودة أصلا)؟ طبعا جهابذة التفسير واللغة يسدون هذا العجز والخلل بكلام ساقط، ويضربون الأمثال بتساؤلهم السخيف: هل لو قلنا: زيد في مصر، هل يكون زيد في مصر كلها أم في جزء من مصر، فهم بترقيعهم هذا ينفون، من حيث لا يدرون، عن القرآن إعجازه المزعوم، فبدلا من أن يشمل اللفظ في القرآن كل جوانب المعنى ويستوفيه اصبح مقصورا، بفضلهم، على معنى بعيد غير مقصود.. فالقرآن لم يقل ان القمر في السموات السبع وسكت، بل قال انه جعله فيهن نورا. وهل من يدخل في الاسلام من غير العرب عليه ان يكون ملما بأساليب العرب في البلاغة والبيان حتى يستوعب هذا الشرح العاجز… وهل هكذا تتحقق شمولية الإسلام وعالمية القرآن؟
آياتان كثيرا ما تعجبت لهما
(إنا عرضنا الآمانة على السموات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا) والثانية (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم، قالوا بلى شهدنا)
فبالنسبة للآية الآولى، تجد ان الإنسان كأنه حمل الأمانة اختيارا، من هو هذا الإنسان، هل هو انا ام انت، لا نعرف ولا يفيد السؤال كثيرا، فلا توجد إجابة شافية، حتى لو ان آدم قبل حملها (افتراضا)، فما ذنبي أنا ولماذا لم تتح لي فرصة الاختيار؟
انا انسان من نفس نوع الإنسان التي تحدثت عنه الآية واقر امامكم انه لو عرض على حمل الأمانة لأجبت بالرفض، ولأكن مثل السموات والأرض؟ فمن هو إذا الإنسان الذي حملها؟
أما الآية الثانية فهي أعجب فبصرف النظر عن اللخبطة اللغوية فيها، حيث يقول القران ان الله اخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، يعني ليست الذرية من ظهر آدم، بل من ظهور أبناء آدم نفسه.. هل فهم أحد شيئا؟!.. (ما علينا) لنعتبر انه اخذ من ظهر آدم تلك الذرية المزعومة، ثم أشهدهم على انفسهم انه هو الله خالقهم هل منكم أحد يستطيع ان يذكر تلك الشهادة؟ بالطبع لا إذن فماذا كانت فائدتها؟ لا والأعجب ان القرآن يحتج علينا بأننا سنقول اننا كنا غافلين عن هذا عن نفسي لو سألني الله عنها، سأقول اني لا اتذكرها على الإطلاق، بل واجزم انها لم تحدث، ولو شاء الله لذكرني بها وإياكم
تباين أسلوب القران
واقصد التباين البلاغي لا التشريعي، فالقرآن به آيات بل وسور كاملة بلغت الغاية في البلاغة والبيان، وما زلت أستمتع بسماعها إلى الآن، كسورة الفرقان، ومريم، وآيات من الأعراف وهود وغيره الكثير.
لكن بالمقابل هناك آيات كُثر، بل وسورٌ، تجد أنها ابعد ما تكون عن تلك البلاغة الرائعة، وأضرب لك مثلا بسور (محمد والبينة والقارعة).. مع علمي ان تلك النقطة لا يتفق فيها اثنان فما يكون رائعا لشخص قد يكون مملا لآخر، بل من السهل ان نرمي الطرف الآخر بفساد السليقة او على الأقل عدم التمكن من العربية، او نلقي على مسامعه شعرا من مثل
ومن يك ذا فم مر مرير … يجد مرا به الماء الزلالا
ولكن انظر إلى هذه الآيات: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون). وانا اسأل؛ ما وجه الجمال والبلاغة في الآيات السابقات؟ وهل التحرّج في الأكل سواء كنّا زرَافاتٍ أم وحْدانا يحتاج لتشريع من خالق الكون؟ اقرأ الآيات مرة أخرى، ثم اقرأ هذا البيت
أستغفر الله ذنبا لست أعلمه … رب العباد إليه الوجه والعمل
لقد كان هذا البيت يظهر الدمع في عيني أيام إسلامي، بخلاف الآيات السابقة
قضية التكرار في القرآن
خاصة قصة النبي موسى وفرعون.. ألا تلقي ظلالا من الشك بأن هناك الكثير من الاقتباس، خاصة وان تلك القصة تعد الأهم عند من كان العرب يسمونهم في ذلك الوقت، ووافقهم القرآن، بـ (أهل الكتاب).. كم مرة قابلتك قصة النبي موسى في القرآن، وفي المقابل، لم نسمع عن النبي ذي الكفل إلا مرة واحدة، حتى ان اسمه لا نعلمه، بل ذكره القرآن بكنيته
الإيجاز المُخل
على الرغم من ان القران ممتلئ بالقصص المكررة إلا انه يلزمك دائما بالبحث عن مصدر للشرح والتفسير من خارجه، وهذا الخارج للأسف، لن تجده إلا عند أهل الكتاب، فآيات من مثل: (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) (وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) (فقبضت قبضة من أثر الرسول) (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت). كل الآيات سالفة الذكر وغيرها الكثير يصعب، بل وأحيانا يستحيل، تفسيرها دون الرجوع إلى كتب أهل الكتاب. فكيف يحتاج الكتاب المهيمن على ما سبقه من كتب الى تفسيرات من تلك الكتب التي نتهمها بالتحريف؟قضية المواريث في القرآن والتي يستحيل حل بعض مسائلها، دون الرجوع الى مكمّل فقهي، أعني العول والرد. وقد كان ممكنا ان تكون هذه الشروح الفقهية مشمولة في الكتاب الذي يفترض به انه الأخير من رب العالمين، ولكن هذا لم يحدث ما يعطي انطباعا بأن هناك شيئا ناقصا. بل حتى عمر بن الخطاب قال: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهدا ننتهي إليه: الجد والكلالة وباب من أبواب الربا – (الصحيحان)
أعلم ان تلك المسائل تصدى لها الكثير من (علماء) الدين، ولكن في النهاية انت امام أحد خيارين، اما ان تقبلها، واما ان ترفضها، نظرا لكم التناقض البيّن حتى بين اقوال المدافعين والشارحين، والمهم أن احتياجنا لمثل هذه الشروح والاجتهادات التي قد تختلف فيما بينها، ينافي الآية اليوم أكملت لكم دينكم
التفكك الواضح في بنية القرآن
كثيرا من الآيات تشعر انك لو حذفتها فلن يضر ذلك السياق شيئا، واضرب مثلا بالآية 118 من سورة النحل: (وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
إذا حذفت هذه الآية بالكامل فلن يضر تسلسل الآيات شيئا، خاصة وان الآية تقول، حرمنا ما قصصنا عليك من قبل، أي ان تلك المحرمات أتى ذكرها سابقا، ولا داعي للتفصيل فيها الان، واذا تأملت الآية تجد أنها لم تضف شيئا للقرآن، ولكن، ومرة أخرى، هو ذكرٌ لليهود، وشرعتهم وقصصهم، بمناسبة ومن دون مناسبة
الآيات والكلمات غير المفهومة
مثل فواتح السور، كهيعص، وعسق وغيرهما، وقد اختلف فيها المفسرون اختلاف كبيرا حتى قيل ان الله اختص نفسه بعلمها. إذن ولماذا أنزلها؟
تخيل انك تقرأ كتاب دين لأناس غيرنا يبدأ بتلك الحروف
ABC
وترتلها هكذا اى بي سي، ثم تستطرد في القراءة، أول سؤال ستسأله لنفسك، وما فائدة هذه الآيات؟
مثال آخر: وفاكهة وأبا، هل نعرف معنى الأب، وهل فهمه عمر بن الخطاب يوم سأل عنه، ومتى وُضع الشرح اللغوي لكلمة (الأب)؟ القرآن استخدم كلمات غير مفهومة حتى للعرب أنفسهم، كما استخدم كلمات غير عربية، وبعض الأحيان تجد أن القرآن استخدم لغة شديدة المحلية، فنبحث ما معنى هذه الآية أو تلك عند العرب، ففي قول القران (يوم يكشف عن ساق) نقول انما كني الله عن شدة اهوال يوم القيامة، فالعرب استخدمت هذا اللفظ لهذا الغرض، طبعا لا اريد التحدث هنا عن مسألة من مسائل العقيدة، وهي إثبات ان لله ساقا بلا كيف. وكأنه لا يكفي لغير العربي ان يتعلم العربية كي يقرأ القرآن، بل عليه أن يتقن باقي فنون اللغة وانواع الكنايات، وتحديدا في الفترة التي كان فيها القرآن، كي يفهم القرآن، ذلك الكتاب الذي ختم الله به رسالاته للناس كافة
الإتيان بمثل القرآن
ربما البعض منكم سمع بنظرية (الصرفة) وقد قال بها النظّام وغيره من أرباب البلاغة، وقد تيقنوا ان فصحاء العرب كانوا على مقدرة من الإتيان بمثل هذا القرآن، ولكن الله صرف قلوبهم، وهذا هو وجه الإعجاز، فتأمل ما الذي دعاهم إلى هذا القول؟ وها هو شاعر من كبار شعراء العرب، ابو العلاء المعري، فقد قيل أنه عارض القرآن بكتابه (الفصول والغايات في مجاراة السور والآيات) فقيل له: ما هذا إلاّ جيّد إلاّ أنه ليس عليه طلاوة القرآن. فقال: حتى تصقله الألسن في المحاريب أربعمائة سنة. وعند ذلك انظروا كيف يكون. لقد علم ابو العلاء ان الزمن هو احد اهم الاسباب التي احاطت القران بالقدسية، والا لو لم يقل النبي محمد انا خاتم النبيين، وسمع أحدكم بظهور نبي في الشارع المجاور او البلدة المجاورة، وادعى انه رسول من عند الله، وان معه كتاب منه، وانه لن يأتينا بمعجزات، لأن السابقين لم يؤمنوا بها.. فهل كنت مصدقه؟
ثم إن كثيرا من الناس مازال يأتي بمثل هذا القرآن إلى يومنا هذا، صحيح أن أكثره هزلي، ولكن فيه القليل الذي يعتد به، حتى وان رد البعض وقال ان هذا ليس مثل القران بل هو تقليد له واستعارة لأساليبه، ثم يتلو عليك قول الوليد بن المغيرة لما سمع القران ان عليه لحلاوة.. ولكن من هم الذين نقلوا لنا قول الوليد بن المغيرة؟ وهل وصل لنا كتاب ابو العلاء او كتاب الفرند او غيرهما من الكتب؟ فمن هم الذين يكتبون التاريخ؟ وكيف يكون الإتيان بالمثل؟ لو قال لنا احدهم سأكتب مثل شعر المتنبي، فمن الممكن دحض دعواه بسهولة، حتى لو اتي بما هو اروع من شعر المتنبي. اقرأ هذه الآيات
يذكر رب الكون نبدأ وبه نستعين
والمشمش والليمون، وشجر الزيزفون، لتعْلُوَن على المأفون، الذي استحل الكذب على رب العالمين، وأخرج للناس بهتانه المبين، الذي قال عنه الفاهمون، انه لبين الكذب والمجون، فما بال الذين يعلمون صدق ما أنزل عليك لا يؤمنون، ولو آمنوا وتيقنوا لأكرمناهم وأنزلنا عليهم من خيراتنا ما منه يتعجبون، واتل عليهم نبأ الذي كذب بآياتنا فكان من الخـاسرين، إذ قـال لأبيه وأمه ما هذه الطلاسم التي بها تتعبدون، لأقصن عليكم النبأ الذي أنتم عنه غافلون، إذ لا يوجد حساب بعد الممات ولا ماء منه تشربون، فارجعوا إلى عقولكم واتركوا فعل الأولين، فخسفنا به الأرض على أقواله وتكذيبه لآيات رب العالمين، وقال أبواه رب اغفر لابننا انه كان من الخاطئين، فقلنا لهما بل كان من الملحدين الضالين الذين سيصلون جهنم إلى أبد الآبدين.
يمكنك ان تجزم بسخافتها، وانها تقليد باهت للقرآن.
ولكن أخبرني ما الفرق بين (المشمش والليمون) وبين (التين والزيتون)؟ ربما بعد ألف سنة، وعندما يكتشفون الفوائد الجليلة لشجر الزيزفون، سوف يتذكرونني بالخير، ويقولون: كان هذا من إعجازه العلمي.
لو قرأت القرآن من دون هالة القدسية التي ورثها عبر القرون، لوجدت فيه الكثير من الآيات والسور، التي تتعجب كيف تكون وحيا من السماء. وانتبه لما يلي: قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن بحير القاص أن عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني أخبره أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ: إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت. طيب.. فلنقرأ إذا الشمس كورت
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا الشمس كورت، وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت، حقا انها اهوال يشيب لتصورها الولدان.. لنكمل إذا: وإذا العشار عطلت
والعشار على الأرجح هي النوق الحوامل.. ففي هذا اليوم الرهيب سيذهل عنها اصحابها، وقد ذكرها الله لأنها من كرائم العرب. وهل ستنكدر النجوم وعلى الأرض بشر وجمال؟ ألم يخبرنا أرباب الإعجاز العلمي أن القرآن فيه الكثير من الإشارات الكونية، فماذا عن تلك الإشارة؟.. وجود الجمال وقت انكدار النجوم في نهاية الزمان. وهل لأن الجمال هي نفائس العرب، سيفهم باقي البشر تلك الكارثة وأثرها على الناس، حتى انهم ينشغلون عن النوق الحوامل؟
الامتلاء بالأساطير
القرآن يحدثنا عمّن أماته الله مائة عام ثم بعثه.
وعن هدهد يتلمس أعذار التأخير للنبي سليمان.
وعن عفريت من الجن يعرض المساعدة.
ونملة تتحدث.
ودابة تخرج في نهاية الزمان.
ونبي يأكله الحوت ثم يلفظه.
ونبي يُلقى في النار ولا يحترق.
وأناس اماتهم الله ثلاث مائة سنة، ولا يوجد دليل يؤكد صحة القصة، بل كل ما سبق لا دليل على حدوثه سوى انه نقل إلينا بواسطة الكتب الدينية
لكن ما الذي جعل كل ذلك يتوقف؟.. لا نعلم
لقد كان هناك وقت كانت الملائكة مشغولة بأهل الأرض.
فجبريل ينزل بالرسالات، وهاروت وماروت يفضلان الحياة على الأرض.
وثلاثة أو خمسة آلاف ملك يقاتلون في بدر.
وحوار بين موسى وربه، ووحْي بذبح ابن ابراهيم ثم تراجع عن ذلك. واتصال مباشر بين السماء والأرض. كل ذلك نلمسه جليا في القران، فما الذي حدث؟
السنا الآن احوج الى بعض ما يثبت القلوب، الا يربو عددنا عن السبعة مليارات، لماذا كانت المعجزات قديما فقط، وفي وقت كان عدد البشرية كلها لا تتجاوز بضعة ملايين؟ لماذا يحتاج الرب ان يكلم رسوله (على انفراد) مثلما حدث مع النبي موسى في سيناء، ومع النبي محمد (عن طريق جبريل) في بدء الوحي؟ بل حتى النبي محمد لم يأت بمعجزة، واحدة الى الدرجة التي جعلت البعض من قريش يستهزئ ويقول (فيما نقله القرآن): اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب أليم. ولكن يأتي الرد بعدم العذاب لسببين: ثانيهما؛ انهم يستغفرون، فأي استغفار يصح مع الشرك؟
ثم نفاجأ بالعديد من المعجزات المروية في كتب الحديث كتسبيح الحصى، وحنين الجذع الى النبي، كل هذا كُتب بعد وفاة النبي بعشرات السنين، فأين كانت هذه المعجزات يوم احتاج النبي إليها؟ هذا جزء يسير من بعض المشكلات الموجودة في القرآن، فما بالك لو أكملنا، أو انتقلنا للمصدر الثاني للتشريع؟
بالنسبة لي؛ كان هذا أكثر من كافٍ.. على الأقل بالنسبة لي.