Posted by : yazan alaws الخميس، 2 نوفمبر 2017


عن الكتاب 


أنهي الكتاب الأخير لعبد الرزاق الجبران، منهيًا نتاجه الفكريّ، على قارعة طريق الذات
أتأمل في كل ما هو حولي من ذوات ومفاهيم وعمامات ومواعظ وخطب وحلال وحرام وقيم مزيفة وأخلاق يفرضها القانون
يتملكني شعورٌ من القرف، لكنّي أنوي أن تكون المواجهة مع إسلام الحشو، أو اسلام المؤسسة، أو الاسلام التاريخي أكثر ذكائًا هذه المرة
لذلك سأدخل في عرض بعض أفكار الكتاب، وأؤجل آهاتي وخواطري لوقتٍ آخر

يعالج الجبران في كتابه الأخير القضية المحورية في حياة الإنسان، الزواج والإرتباط بالآخر
الفكرة التي يدور الكتاب في فلكها أن المعبد يجعل من الزواج متدينًا عندما يحضر إلى معبده، دون أن تحضر القلوب، وأن يكفر العشق لأنه حضر القلب ولم يحضر المعبد
بدون حب فإنه لا زواج بين المرأة والرجل، حتى لو اجتمع كهنوت الأرض كله ليبارك زواجهم، بدون حب تغدو العلاقة بين الطرفين زنًا محضًا حقيقيًا، ومع الحبّ لن تكون العلاقة سوى الزواج، حتى لو يحضروا إلى المعبد
يقول المؤلف "الزواج الحقيقيّ هو الحبّ عينه، لذا لم يصدر الزنا إلا عن المعبد حينما شرّع الزواج دون حبّ، وأحاله للمعبد لا للقلب."

- إن الحبّ وحده من يجعل الجماع زوجيًا إذ لا كاهن للزواج إلا الحبّ.
الحبّ في الزواج لدى النبيّ ليس عشقًا بالمعنى المثالي له، وإنما هو الرغبة في أن تكون مع الآخر، وأن تشعر بالحياة معه، شرط أن تكون معه لذاته فحسب، وليس لأشياءه.
وفي هذا الوجه للحبّ يظهر التحديد الأبرز لمفهوم (الموّدة) قرآنيًا مع الزواج والمتواصل مع مفهوم (السكن) أيضًا، بعيدًا عن (العشق) كمرحلة مثاليّة يتعبدها الزواج قبل أن تتعبده. إذ مع العشق حتى وإن رفض العاشقان عينهما أن يتزوجا لمبدأ ما فهما زوجان رغمًا عنهما

- أهمية المرأة في وجودها هي في مسألة الخلق، أن تخلقك من جديد، تنجبك أنت وليس أولادك {وجلعناه خلقًا آخر}، وهكذا يغدو الزواج هو الاثنينية القابلة للخصوبة.

- لا ضرر ولا ضرار، أسّ يمكن اختصار الاسلام كلّه به، في وجوده وفقهه وتشريعه ومبادئه، وعلى هذا المبدأ تبنى فلسفة الحلال والحرام عينها ففكرة الحلال والحرام فكرة خاصة بحرم الانسان وليس بحرم الله

- لذا يغدو مفهوم (الطلاق) في بعده الكهنوتي شيئًا سطحيًا، ويتخذ معنا في الجمهوريّة مفهوم (الفسخ) بديلًا عنه، فبمجرد أن تزول هذه المعاني من العلاقة، تفسخ ذاتيًا، ولا تحتاج إلى كلمة (طالق) من أحد الطرفين.
الطلاق وفق الجمهورية ليس بيد الرجل، ولا المراة، وإنما بيد المعنى

- مشكلة الكاهن أنه يسمع كل شيء إلا الحب

- للروح غريزة أكثر من الجسد، هذا ما جهله مدمني الفلسفة والغريزة على حدٍ سواء، حينما رأوا أن الجنس خطيئة للجسد فحسب، ولم يدركوا أنه شهوة للروح، لا تصلها إلا بالجسد، شهوة أهينت كثيرًا من الكهنوت وعين فلاسفة الروح، ليس لأنهم جعلوها خطيئة فقط، وإنما لأنهم أفرغوها من قيمتها الروحية بينما هي شهوة وجود لا جلود.

- «والتصق صدره بصدرها، فنسي انكيدو أين ولد.. خلعت رداءها، كشفت عن صدرها، أغوته كما تغوي المرأة. مال إليها، ضمها إلى صدره، ستة أيام وسبع ليالٍ مع المرأة... تنوّر ذهنه وقلبه» كلكامش

لم يأتي النبيّ ليشرّع زواج الأربعة، فتقييد الأمر بالعدل (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)، بدلٌ عن تحريمه، والعدل هنا عدلٌ شعوريّ وجسديّ، كما هو قيد الحديث (من تزوج ما لا ينكح فزنت، فإثمها عليه).
بل الأكثر من ذلك أن هذا الحكم لم يأتي لأجل الرجال، وإنما جاء ضدهم، وأنه للمرأة وليس عليها، وأن الرجال من امتعضوا وقتا من هذا الحكم وليس النساء.
القصة وأصلها أن معظم رجال الجزيرة كانوا يتزوجون من النساء ما يبلغ العشرين أحيانًا وهو أمر كان يمثل وجاهة اجتماعية وعنوان ملكية وزعامة قبلية، ولكنه كان امر المرأة ضحيته، فالحكم النبوي جاء منعًا لظلامة المرأة ليس إلا.
ويذكر التاريخ أنه حين نزول الحكم وآيته طُلب من قيس بن الحارث إطلاق سراح زوجاته ما عدا أربع، وكذا أبقى النبي لغيلان بن سلمة أربعة من نساءه العشر، وكذا الأمر أيضًا مع عروة بن مسعود الثقفي.
إذن كانت نتائج هذا الحكم حينها (تسريح الكثير من النساء)، وليس (تزويج الكثير للرجال)، أي أن الحكم أفضى آنذاك إلى الطلاق لا إلى الزواج، وبالتالي فهو مرتبط بحركة تحررية المرأة أمام عبوديتها، 

- ليس المقصود بالمهر بدل ماديّ يدفعه الرجل للمراة، بدل بضع، أو بدل جنس، أو حتى بدل جسد، المهر بكلمة واحدة بدل وجود، فالرجل والمرأة في ارتباطهم يشترون (الزوجية) عينها، وليس (بضع) الأخر كما يقرّر الكهنوت، والزوجيّة تشترى بقلب لا بمال، وعلى الطرفين أن يضع قلبه مهرًا للآخر ولا يضاهي ذلك مهر: أنك تريد أن تشتري قلبًا، ولا يمكن شراء القلب إلا بالقلب، لذا من تقبل مهرًا لزواجها فهي والغانية سواء، وكلما كثر المهر كلما كان عهرها أسوأ.
الحبّ وحده مهر المرأة، والشي الحقيقي للمهر هو ما يكون (إثباتًا) لذاك الحبّ، أو لقدر شخصيّة الرجل وكفؤيته واستحقاقه للفتاة وقدرها.
المهر لا يراد لذاته، بل ليؤكّد فحسب قيمة المرأة لدى الرجل وقدر حبه لها
إن البشريّة حينما قالت بالمهر، أسست للمال، أن يكون طريقًا للفرج. 


- Copyright © Scrabbles - Blogger Templates - Powered by Blogger - Designed by Johanes Djogan -